لا! استحلفك

« ويقولُ » بالرفع استئنافا بواو ودونها وبالنصب عطفا على يأتي « الذين آمنوا » لبعضهم إذا هتك سترهم تعجبا « أهؤلاء الذين أقسموا بالله جَهد أيمانهم » غاية اجتهادهم فيها « إنهم لمعكم » في الدين قال تعالى : « حبطت » بطلت « أعمالهم » الصالحة « فأصبحوا » صاروا « خاسرين » الدنيا بالفضيحة والآخرة بالعقاب .

« وإن نكثوا » نقضوا « أيمانهم » مواثيقهم « من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم » عابوه « فقاتلوا أئمة الكفر » رؤساءه ، فيه وضع الظاهر موضع المضمر « إنهم لا أيمان » عهود « لهم » وفي قراءة بالكسر « لعلهم ينتهون » عن الكفر .

« وأقسموا بالله جهد أيمانهم » أي غاية اجتهادهم فيها « لا يبعث الله من يموت » قال تعالى « بلى » يبعثهم « وعداً عليه حقا » مصدران مؤكدان منصوبان بفعلهما المقدر أي وعد ذلك وحقه حقا « ولكن أكثر الناس » أي أهل مكة « لا يعلمون » ذلك .

« وأقسموا » أي كفار مكة « بالله جهد أيمانهم » غاية اجتهادهم فيها « لئن جاءهم نذير » رسول « ليكوننَّ أهدى من إحدى الأمم » اليهود والنصارى وغيرهم ، أي أيَّ واحدة منها لما رأوا من تكذيب بعضهم بعضا ، إذ قالت اليهود : ليست النصارى على شيء ، « فلما جاءهم نذير » محمد صلى الله عليه وسلم « ما زادهم » مجيئه « إلا نفورا » تباعدا عن الهدى .

وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون

وحينئذ يقول بعض المؤمنين لبعض مُتعجِّبين من حال المنافقين -إذا كُشِف أمرهم- : أهؤلاء الذين أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم لَمَعَنا ؟ ! بطلت أعمال المنافقين التي عملوها في الدنيا ، فلا ثواب لهم عليها ؛ لأنهم عملوها على غير إيمان ، فخسروا الدنيا والآخرة .

وإنْ نَقَضَ هؤلاء المشركون العهود التي أبرمتموها معهم ، وأظهروا الطعن في دين الإسلام ، فقاتلوهم فإنهم رؤساء الضلال ، لا عهد لهم ولا ذمة ، حتى ينتهوا عن كفرهم وعداوتهم للإسلام .

وحلف هؤلاء المشركون بالله أيمانًا مغلَّظة أن الله لا يبعث مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق ، بلى سيبعثهم الله حتمًا ، وعدًا عليه حقًا ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على البعث ، فينكرونه .

وأقسم كفار قريش بالله أشد الأَيْمان : لئن جاءهم رسول من عند الله يخوِّفهم عقاب الله ليكونُنَّ أكثر استقامة واتباعًا للحق من اليهود والنصارى وغيرهم ، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا بُعْدًا عن الحق ونفورًا منه .