الفرق بين الصنع والعمل
أن الصنع ترتيب العمل وإحكامه على ما تقدم علم به وبما يوصل إلى المراد منه، ولذلك قيل للنجار صانع ولا يقال للتاجر صانع لان النجار قد سبق علمه بما يريد عمله من سرير أو باب وباسباب التي توصل إلى المراد من ذلك والتاجر لا يعلم إذا اتجر أنه يصل إلى ما يريده من الربح أو لا، فالعمل لا يقتضي العلم بما يعمل له ألا ترى أن المستخرجين والضمناء والعشارين من أصحاب السلطان يسمون عمالا ولا يسمون صناعا إذ لا علم لهم بوجوه ما يعملون من منافع عملهم كعلم النجار أو الصائغ بوجوه ما يصنعه من الحلي والآلات، وفي الصناعة معنى الحرفة التي يتكسب بها وليس ذلك في الصنع، والصنع أيضا مضمن بالجودة، ولهذا يقال ثوب صنيع وفلان صنيعة فلان إذا استخصه على غيره وصنع الله لفلان أي أحسن إليه وكل ذلك كالفعل الجيد.
الفرق بين الصنع والفعل والعمل
قال الراغ في الفرق بينها: الفعل لفظ عام. يقال لما كان بإجادة وبدونها، ولما كان بعلم أو غير علم، وقصد أو غير قصد، ولما كان من الانسان والحيوان والجماد.وأما العمل فإنه لا يقال إلا لما كان من الحيوان دون ما كان من الجماد ولما كان بقصد وعلم دون ما لم يكن عن قصد وعلم. قال بعض الادباء: العمل مقلوب عن العلم، فإن العلم فعل القلب، والعمل فعل الجارحة، وهو يبرز عن فعل القلب الذي هو العلم وينقلب عنه. وأما الصنع فإنه من الانسان دون سائر الحيوانات، ولا يقال إلا لما كان بإجادة.ولهذا يقال للحاذق المجيد، والحاذقة المجيدة. صنع كبطل وصناع، كسلام.والصنع يكون بلا فكر لشرف فاعله، والفعل قد يكون بلا فكر لنقص فاعله.والعمل لا يكون إلا بفكر لتوسط فاعله. فالصنع أخص المعاني الثلاثة، والفعل أعمها، والعمل أوسطها. فكل صنع عمل، وليس كل عمل صنعا، وكل عمل فعل، وليس كل فعل عملا.وفارسية هذه الالفاظ تنبئ عن الفرق بينهما، فإنه يقال للفعل (كار) وللعمل (كردار) وللصنع (كيش).
الفرق بين العمل والجعل
أن العمل هو إيجاد الاثر في الشيء على ما ذكرنا، والجعل تغيير صورته بايجاد الاثر فيه وبغير ذلك، ألا ترى أنك تقول جعل الطين خزفا وجعل الساكن متحركا وتقول عمل الطين خزفا ولا تقول عمل الساكن متحركا لان الحركة ليست بأثر يؤثر به في الشيء، والجعل أيضا يكون بمعنى الاحداث وهو قوله تعالى " وجعل الظلمات والنور " وقوله تعالى " وجعل لكم السمع والابصار " ويجوز أن يقال إن ذلك يقتضي أنه جعلها على هذه الصفة التي هي عليها كما تقول جعلت الطين خزفا، والجعل أيضا يدل على الاتصال ولذلك جعل طرفا للفعل فتستفتح به كقولك جعل يقول وجعل ينشد قال الشاعر: حنث اليمين على الاثيم الفاجر فاجعل تحللك من يمينك إنما فدل على تحلل شيئا بعد شيء، وجاء أيضا بمعنى الخبر في قوله تعالى " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا " أي أخبروا بذلك، وبمعن الحكم في قوله تعالى " أجعلتم سقاية الحاج " أي حكمتم بذلك، ومثله جعله الله حراما وجعله حلالا أي حكم بتحليله وتحريمه، وجعلت المتحرك متحركا أي جعلت ماله صار متحركا، وله وجوه كثيرة أوردناها في كتاب الوجوه والنظائر، والجعل أصل الدلالة على الفعل لانك تعلمه ضرورة وذلك أنك إذا رأيت دارا مهدمة ثم رأيتها مبنية علمت التغير ضرورة ولم تعلم حدوث شيء إلا بالاستدلال.
الفرق بين العمل والفعل
أن العمل إيجاد الاثر في الشيء يقال فلان يعمل الطين خزفا ويعمل الخوص زنبيلا والاديم سقاء، ولا يقال يفعل ذلك لان فعل ذلك الشيء هو إيجاده على ما ذكرنا وقال الله تعالى " والله خلقكم وما تعملون " أي خلقكم وخلق ما تؤثرون فيه بنحتكم إياه أو صوغكم له، وقال البلخي رحمه الله تعالى: من الافعال ما يقع في علاج وتعب واحتيال ولا يقال للفعل الواحد عمل، وعنده أن الصفة لله بالعمل مجاز، وعند أبي علي رحمه الله تعالى: من الافعال ما يقع في علاج وتعب واحتيال ولا يقال للفعل الواحد عمل، وعنده أن الصفة لله بالعمل مجاز، وعند أبي علي رحمه الله: أنها حقيقة، وأصل العمل في اللغة الدؤوب ومنه سميت الراحلة يعملة وقال الشاعر: وإن كنا على عجل وقالوا قف ولا تعجل م ما نلقى من العمل قليل في هواك اليو أي من الدؤوب في السير، وقال غيره: * والبرق يحدث شوقا كلما عملا * ويقال عمل الرجل يعمل واعتمل إذا عمل بنفسه وأنشد الخليل: إن لم يجد يوما على من يتكل إن الكريم وأبيك يعتمل